الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***
ما يصح استثناؤه من المبيع، ومسائل أخر (قوله: الأصل إلخ) في المصباح أصل الشيء: أسفله وأساس الحائط: أصله حتى قيل: أصل كل شيء ما يستند وجود ذلك الشيء إليه. ا هـ. وفيه أيضا القاعدة في الاصطلاح بمعنى الضابط، وهو الأمر الكلي المنطبق على جميع جزئياته. ا هـ. فالمراد هنا أن الأصل الذي يستند إليه معرفة هذا الفصل، هو أن مسائله مبنية على قاعدتين ولا يخفى أن هذا تركيب صحيح فافهم. (قوله: على قاعدتين) الأولى أن يقول على ثلاث قواعد كما فعل في الدرر وقال: والثالث أن ما لا يكون من القسمين إن كان من حقوق المبيع، ومرافقه يدخل في المبيع بذكرها وإلا فلا. ا هـ. وقد ذكره الشارح بقوله وما لم يكن من القسمين إلخ أفاده ط. (قوله: يعني كل ما هو متناول اسم المبيع) أشار به إلى أن البناء في كلام المصنف مثال لا قيد وكذا الدار ط. (قوله: اتصال قرار إلخ) فيدخل الحجارة المخلوقة والمثبتة في الأرض والدار لا المدفونة، يدل عليه قولهم: لو اشترى أرضا بحقوقها وانهدم حائط منها، فإذا فيه رصاص أو ساج أو خشب إن من جملة البناء كالذي يكون تحت الحائط يدخل، وإن شيئا مودعا فيه فهو للبائع، وإن قال البائع: ليس لي فحكمه حكم اللقطة، فقولهم شيئا مودعا يدخل فيه الأحجار المدفونة، ويقع كثيرا في بلادنا أنه يشتري الأرض أو الدار، فيرى المشتري فيها بعد حفرها أحجار المرمر والكذان، والبلاط والحكم فيه إن كان مبنيا، فللمشتري وإن موضوعا لا على وجه البناء فللبائع وهي كثيرة الوقوع فاغتنم ذلك. بقي لو ادعى البائع أنها كانت مدفونة، فلم تدخل والمشتري أنها مبنية فقد يقال يتحالفان؛ لأنه يرجع إلى الاختلاف في قدر المبيع وقد يقال: يصدق البائع؛ لأن اختلافهما في تابع لم يرد عليه العقد والتحالف على خلاف القياس، فيما ورد عليه العقد، فلا يقاس عليه غيره، والبائع ينكر خروجه عن ملكه والأصل بقاء ملكه فتأمل. ا هـ. ملخصا من حاشية المنح للخير الرملي. (قوله: وهو ما وضع لا لأن يفصله البشر إلخ) فيدخل الشجر كما يأتي لاتصالها بها اتصال قرار إلا اليابس؛ لأنه على شرف القلع كما يأتي ولا يدخل الزرع؛ لأنه متصل لأن يفصل فأشبه متاعا فيها كما في الدرر، وإنما يدخل المفتاح؛ لأنه تبع للغلق المتصل فهو كالجزء منه إذ لا ينتفع به إلا به بخلاف مفتاح القفل كما يأتي. والحاصل: أنه قد يدخل بعض المنقول المنفصل إذا كان تبعا للمبيع بحيث لا ينتفع به إلا به فيصير كالجزء كولد البقرة الرضيع بخلاف ولد الأتان، وقد يدخل عرفا كقلادة الحمار وثياب العبد. (قوله: وما لا فلا) تبع فيه الدرر والمناسب إسقاطه ليصح التفصيل في قوله: وما لم يكن من القسمين إلخ تأمل. (قوله: فإن من حقوقه ومرافقه) المرافق هي الحقوق في ظاهر الرواية، فهو عطف مرادف والحق ما هو تبع للمبيع ولا بد له منه ولا يقصد إلا لأجله كالطريق والشرب للأرض كما سيأتي في باب الحقوق إن شاء الله - تعالى -. (قوله: دخل بذكرها) أي بذكر الحقوق والمرافق. (قوله: وإلا لا) أي وإن لم يكن من حقوقه ومرافقه لا يدخل وإن ذكرها فلا يدخل الثمر بشراء شجر؛ لأنه وإن كان اتصاله خلقيا فهو للقطع لا للبقاء فصار كالزرع إلا إذا قال: بكل ما فيها أو منها؛ لأنه حينئذ يكون من المبيع كما في الدرر. (قوله: فيدخل البناء والمفاتيح إلخ) وكذا العلو والكنيف كما في الدرر وقوله الآتي في بيع دار متعلق ب يدخل: أي إذا باعها بحدودها يدخل ما ذكر وإن لم يقل بكل حق لها أو بمرافقها كما في الدرر، قال: لأن الدار اسم لما يدار عليه الحدود، والعلو منها وكذا البناء، ثم قال: لا يدخل في بيعها الظلة والطريق والشرب والمسيل إلا به أي بكل حق لها ونحوه، أما الظلة فلأنها مبنية على هواء الطريق فأخذت حكمه. وأما الطريق والشرب والمسيل فلأنها خارجة عن الحدود، لكنها من الحقوق فتدخل بذكرها وتدخل في الإجارة بلا ذكرها لأنها تعقد للانتفاع، ولا يحصل إلا به بخلاف البيع؛ لأنه قد يكون للتجارة. ا هـ. قلت: وذكر في الذخيرة أن الأصل أن ما لا يكون من بناء الدار ولا متصلا بها لا يدخل إلا إذا جرى العرف في أن البائع لا يمنعه عن المشتري، فالمفتاح يدخل استحسانا لا قياسا لعدم اتصاله، وقلنا بدخوله بحكم العرف. ا هـ. ملخصا ومقتضاه: أن شرب الدار يدخل في ديارنا دمشق المحمية للتعارف، بل هو أولى من دخول السلم المنفصل في عرف مصر القاهرة؛ لأن الدار في دمشق إذا كان لها ماء جار وانقطع عنها أصلا لم ينتفع بها، وأيضا إذا علم المشتري أنه لا يستحق شربها بعقد البيع لا يرضى بشرائها إلا بثمن قليل جدا بالنسبة إلى ما يدخل فيها شربها، وتمام الكلام على ذلك في رسالتنا المسماة نشر العرف في بناء بعض الأحكام على العرف. (قوله: المتصلة أغلاقها إلخ) جمع غلق بفتحتين: أي ما يغلق على الباب قال: في الفتح: المراد بالغلق ما نسميه ضبة، وهذا إذا كانت مركبة لا إذا كانت موضوعة في الدار. ا هـ. هذا وإنما اقتصر على ذكر المفاتيح للعلم بدخول الأغلاق المتصلة بالأولى؛ لأن دخول المفاتيح بالتبعية لها فافهم. (قوله: كضبة وكيلون) قيل: الأول هو المسمى بالسكرة، والثاني المسمى بالغال. (قوله: لا القفل) بضم فسكون أي لا يدخل سواء ذكر الحقوق أو لا وسواء كان الباب مغلقا أو لا، وسواء كان المبيع حانوتا أو بيتا أو دارا كما في الخانية بحر. (قوله: لعدم اتصاله) وإنما تدخل الألواح، وإن كانت منفصلة؛ لأنها في العرف كالأبواب المركبة والمراد بهذه الألواح ما تسمى بمصر دراريب الدكان، وقد ذكر فيها عدم الدخول فلا يعول عليه. ا هـ. فتح أي لأنها لا ينتفع بالدكان إلا بها. (قوله: والسلم المتصل) في عرف القاهرة ينبغي دخوله مطلقا؛ لأن بيوتهم طبقات لا ينتفع بها بدونه، ولا يرد عدم دخول الطريق، مع أنه لا انتفاع إلا به؛ لأن ملك رقبتها قد يقصد للأخذ بشفعة الجوار. ولهذا دخل في الإجارة بلا ذكر كما سيأتي بحر: أي لأن إجارة الأرض لا يقصد بها إلا الانتفاع برقبتها فلذا دخل الطريق فيها، بخلاف البيع لكن لا يخفى أن هذا ناقض للجواب؛ لأن لقائل أن يقول في بيوت القاهرة لا يدخل السلم الموضوع؛ لأنه قد يقصد بشراء البيت الأخذ بالشفعة أي أن يأخذ بالشفعة ما يجاوره، فلم يكن المقصود الانتفاع برقبته حتى يدخل فيه السلم تبعا. تأمل. (قوله: المتصلة) هذا يغني عن قوله قبله المتصل؛ لأنه نعت للثلاثة المذكورة ولو جعل نعتا للسرير والدرج لكان المناسب أن يقول المتصلان قال: في البحر: ويدخل الباب المركب لا الموضوع، ولو اختلفا فيه فادعاه كل فلو مركبا متصلا بالبناء فالقول للمشتري ولو مقلوعا فلو الدار بيد البائع فالقول له وإلا فالمشتري. ا هـ. قلت: وبه علم حكم أبواب الشبابيك، وذلك أن الأبواب التي كلها من الدف تدخل إن كانت مركبة متصلة والتي من البلور لا تدخل إلا إذا كانت متصلة أيضا لأن غير المتصلة توضع وترفع. تأمل. وأما الدف الذي يفرش في إيوان البيوت لدفع العفن والنداوة فالظاهر أنه كالسرير المسمى بالتخت، فيعتبر فيه الاتصال وعدمه، لكن قد يقال إن السرير ينقل ويحول وأما هذا فإنه لا ينقل من محله فهو في حكم المتصل فليتأمل. (قوله: لو أسفلها مبنيا) أي فيدخل الحجر الأعلى استحسانا، وهذا في ديارهم أما في ديار مصر لا تدخل الرحى؛ لأنها بحجريها تنقل وتحول ولا تبنى فهي كالباب الموضوع لا يدخل بالاتفاق فتح. (قوله: والبكرة) أي بكرة البئر التي عليها فتدخل مطلقا لأنها مركبة بالبئر ا هـ. بحر وظاهر التعليل أنها لو لم تكن مركبة بأن كانت مشدودة بحبل أو موضوعة بخطاف في حلقة الخشبة التي على البئر أنها لا تدخل ويحرر في الهندية والبكرة والدلو الذي في الحمام لا يدخل كذا في محيط السرخسي قال: السيد أبو القاسم: في عرفنا للمشتري كذا في مختارات الفتاوى. ا هـ. وهذا يقتضي أن المعتبر العرف ط. (قوله: في بيعها أي الدار) وهو متعلق بقوله فيدخل كما قدمناه. (قوله: وكذا بستانها) أي الذي فيها ولو كبيرا لا لو خارجها وإن كان بابه فيها قاله أبو سليمان وقال: الفقيه أبو جعفر: يدخل لو أصغر منها ومفتاحه فيها لا لو أكبر أو مثلها، وقيل: إن صغر دخل وإلا لا وقيل: يحكم الثمن. ا هـ. فتح. (قوله: كما سيجيء في باب الاستحقاق) صوابه في باب الحقوق وعبارته وكذا البستان الداخل، وإن لم يصرح بذلك لا البستان الخارج إلا إذا كان أصغر منها فيدخل تبعا ولو مثلها أو أكبر فلا إلا بالشرط زيلعي وعيني. ا هـ. وبذلك جزم أيضا في البحر والنهر هناك. (قوله: ويدخل في بيع الحمام القدور) جمع قدر بالكسر آنية يطبخ فيها مصباح، والظاهر أن المراد بها قدر النحاس التي يسخن فيها الماء، وتسمى حلة أو المراد الفساقي التي ينزل إليها الماء، ويغتسل منها، وتسمى أجرانا لكن إن كانت متصلة فلا كلام أما إن كانت منفصلة موضوعة، فإن كانت كبيرة لا تنقل ولا تحول فالظاهر أنها كالمتصلة وإلا فلا. تأمل. قال: في الفتح: وأما قدر الصباغين والقصارين وأجاجين الغسالين وخوابي الزياتين وحبابهم ودنانهم وجذع القصار الذي يدق عليه المثبت كل ذلك في الأرض، فلا يدخل وإن قال: بحقوقها. قلت: ينبغي أن تدخل كما إذا قال: بمرافقها ا هـ. أقول: بل في التتارخانية عن الذخيرة أنه على قياس مسألة البكرة والسلم ما كان مثبتا في البناء من هذه الأشياء ينبغي أن يدخل في البيع. ا هـ. أي وإن لم يقل بحقوقها. (قوله: وفي الحمار إكافه) في القاموس: إكاف الحمار ككتاب وغراب: بردعته، وهي الحلس تحت الرحل وقد تنقط داله. ا هـ. وظاهر كلام الفقهاء أنه غيره والعرف أنها الخشب فوق البردعة بحر (قوله: لا لو من الحمريين) جمع حمري وهو من يبيع الحمير وكأنه لأن عادتهم التجارة فيها مجردة عن الإكاف ط. قلت: ويؤيده قوله: في التتارخانية وهذا بحسب العرف وفيها أيضا إذا باع حمارا موكفا دخل الإكاف والبردعة بحكم العرف، وفي الظهيرية هو المختار، وإن لم يكن عليه بردعة ولا إكاف دخلا أيضا كذا اختاره الصدر الشهيد وبعضهم قالوا إذا كان عريانا لا يدخل شيء وفي الخانية أن ابن الفضل قال: لا يدخل ولم يفصل بين كونه موكفا أو لا وهو الظاهر، ثم إذا دخلا لا يكون لهما حصة من الثمن كما في ثياب الجارية. (قوله: وتدخل قلادته عرفا)، في الظهيرية باع فرسا دخل العذار بحكم العرف والعذار والمقود واحد. ا هـ. لكن في الخانية: لا يدخل المقود في بيع الحمار؛ لأنه ينقاد بدونه بخلاف الفرس والبعير قال: في الفتح وليتأمل في هذا. (قوله: وفي الأتان لا إلخ) الفرق أن البقرة لا ينتفع بها إلا بالعجل، ولا كذلك الأتان ظهيرية. (قوله: وتدخل ثياب عبد وجارية إلخ) هذا إذا بيعا في الثياب المذكورة وإلا دخل ما يستر العورة فقط ففي البحر: لو باع عبدا أو جارية كان على البائع من الكسوة ما يواري عورته، فإن بيعت في ثياب مثلها دخلت في البيع. ا هـ. ومثله في الفتح، ودخول ثياب المثل بحكم العرف كما في التتارخانية وحينئذ فالمدار على العرف. (قوله: يعطيهما هذه أو غيرها) أي يخير البائع بين أن يعطي ما عليهما أو غيره؛ لأن الداخل بالعرف كسوة المثل ولهذا لم يكن لها حصة من الثمن، حتى لو استحق ثوب منها لا يرجع على البائع بشيء، وكذا إذا وجد بها عيبا ليس له أن يردها زيلعي زاد في البحر: ولو هلكت الثياب عند المشتري، أو تعيبت ثم رد الجارية بعيب ردها بجميع الثمن ا هـ. وقول الزيلعي: لا يرجع على البائع بشيء قال: بعض الفضلاء: يعني من الثمن، وأما رجوعه بكسوة مثلها فثابت له كما يعلم من كلامهم. ا هـ. وفي التتارخانية: وكذلك إذا وجد بالجارية عيبا ردها ورد معها ثيابها وإن لم يجد بالثياب عيبا. ا هـ. وعليه فما في الزيلعي من قوله لو وجد بالجارية عيبا كان له أن يردها بدون تلك الثياب، فمعناه كما في البحر إذا هلكت، وإلا لزم حصولها للمشتري بلا مقابل وهو لا يجوز. (قوله: أو قبضها) أي المشتري، وسكت أي البائع، لأنه كالتسليم منح عن الصيرفية، وفي التتارخانية فأما سلم البائع الحلي لها فهو لها وإن سكت عن طلبه، وهو يراه فهو كما لو سلم لها وفيها عن المحيط باع عبدا معه مال، فإن سكت عن ذكر المال جاز المبيع والمال للبائع هو الصحيح، ولو باعه مع ماله وسمى مقداره، فإن كان الثمن من جنسه لا بد أن يكون الثمن أزيد من مال العبد، ليكون بإزاء مال العبد قدره من الثمن، والباقي بإزاء العبد وتمامه فيها. (قوله: ويدخل الشجر إلخ) قال: في المحيط: كل ما له ساق ولا يقطع أصله كان شجرا يدخل تحت بيع الأرض بلا ذكر وما لم يكن بهذه الصفة لا يدخل بلا ذكر؛ لأنه بمنزلة الثمرة. ا هـ. ط عن الهندية. (قوله: قيد للمسألتين) الأولى البناء وما عطف عليه، والثانية الشجر ط. (قوله: مثمرة كانت أو لا إلخ) لأن محمدا لم يفصل بينهما، ولا بين الصغيرة والكبيرة فكان الحق دخول الكل خلافا لمن قال: إن غير المثمرة لا تدخل إلا بالذكر؛ لأنها لا تغرس للقرار، بل للقطع إذا كبر خشبها، فصار كالزرع ولمن قال: إن الصغيرة لا تدخل فتح، وفي التتارخانية عن المحيط إن هذا أصح أي عدم التفصيل. ا هـ. قلت: لكن في الذخيرية إن العرائش والأشجار والأبنية تدخل لأنها ليس لنهايتها مدة معلومة فتكون للتأبيد، فتتبع الأرض بخلاف الزرع والثمر، لأن لقطعها غاية معلومة فكانت كالمقطوع. ا هـ. ملخصا ومقتضاه أن غير المثمر المعد للقطع كالزرع إلا أن يقال: إنه ليس له نهاية معلومة. (قوله: لأنها على شرف القلع) فهي كحطب موضوع فيها فتح. (قوله: كالبناء) أشار بذكره إلى أن العلة في دخول الشجر: هي العلة في دخول البناء وهي أنهما وضعا للقرار ط. (قوله: فلو فيها صغار إلخ) نقله في الفتح عن الخانية ويأتي قريبا ما يفيد أن صغرها وقطعها في كل سنة غير قيد. (قوله: وإن من وجه الأرض لا) أي لا تدخل؛ لأنها تكون حينئذ كالثمرة كما يعلم مما نذكره قريبا. (قوله: وتمامه في شرح الوهبانية) حاصله: أنه في الواقعات صرح بأن القصب لا يدخل بلا شرط؛ لأنه مما يقطع فكان بمنزلة الثمرة، وأخذ الطرسوسي من التعليل بالقطع أن الحور ونحوه مما يقطع في أوقات معروفة لا يدخل، ونازعه تلميذه ابن وهبان بأن القصب يقطع في كل سنة، فكان كالثمرة بخلاف خشب الحور فلا وجه للإلحاق. ا هـ. لكن في الواقعات أيضا لو فيها أشجار تقطع في كل ثلاث سنين، فلو تقطع من الأصل تدخل ولو من وجه الأرض فلا؛ لأنها بمنزلة الثمرة قال: ابن الشحنة: فيه إشارة إلى أن العلة كونه يباع شجرا بأصله فلا يكون كالثمرة بخلاف المقطوع من وجه الأرض مع بقاء أصله لأنه كالثمرة. ا هـ. قلت: والحاصل: أن الشجر الموضوع للقرار، وهو الذي يقصد للثمر يدخل إلا إذا يبس، وصار حطبا كما مر، أما غير المثمر المعد للقطع، فإن لم يكن له نهاية معلومة فلا يدخل أيضا، بخلاف ما أعد للقطع في زمن خاص كأيام الربيع، أو في كل ثلاث سنين فهو على التفصيل المذكور، ولا يخفى أن الحور بالمهملتين ليس لقطعه نهاية معلومة والله سبحانه وتعالى أعلم. هذا واعلم أنه نقل في البحر وكذا في شرح الوهبانية عن الخانية أنه لو باع أرضا فيها رطبة أو زعفران أو خلاف يقلع في كل ثلاث سنين أو رياحين أو بقول قال الفضلي ما على وجه الأرض بمنزلة الثمر، لا يدخل بلا شرط، وما في الأرض من أصولها يدخل، لأن أصولها للبقاء بمنزلة البناء، وكذا لو كان فيها قصب أو حشيش أو حطب نابت يدخل أصوله لا ما على وجه الأرض. واختلفوا في قوائم الخلاف والصحيح أنها لا تدخل. ا هـ. وفي شرح الوهبانية أن هذا التفصيل أنسب لمقتضى قواعدهم. ا هـ. (قوله: دخل الوثائل إلخ) الوثل بالتحريك الحبل من الليف، والوثيل نبت كذا في جامع اللغة ا هـ. ح. وهو المنقول عن القنية وفي نسخة الوتائر وهو جمع وتيرة وهي ما يوتر بالأعمدة من البيت كالوترة محركة كذا في القاموس، ثم قال: وترها يترها علق عليها. ا هـ. فالمراد: ما يعلق عليه الكرم والذي وقع فيما رأيته من نسخ المنح يدخل الوتائر المشدودة على الأوتار المنصوبة في الأرض ا هـ. ط. قلت: والذي رأيته في الشرح وكذا في المنح الوتائد المشدودة على الأوتاد إلخ بالدال المهملة في الموضعين تأمل (قوله: وكذا الأعمدة المدفونة في الأرض) قال في المنح: تقييده بالمدفونة يفيد أن الملقاة على الأرض لا تدخل، لأنها بمنزلة الحطب الموضوع في الكرم، وصارت المسألة واقعة الفتوى فيفتى بالدخول في المبيع، وإن كانت مدفونة وهي المسماة في ديارنا ببرابير الكرم ا هـ. مطلب كل ما دخل تبعا لا يقابله شيء من الثمن (قوله: وفي النهر إلخ) قال فيه ولذا قال في القنية: اشترى دارا فذهب بناؤها لم يسقط شيء من الثمن، وإن استحق أخذ الدار بالحصة ومنهم من سوى بينهما ا هـ. ونحو ذلك ثياب الجارية كما سلف ط وفي الكافي: رجل له أرض بيضاء ولآخر فيها نخل فباعها رب الأرض بإذن الآخر بألف، وقيمة كل واحد خمسمائة فالثمن بينهما نصفان، فإن هلك النخل قبل القبض بآفة سماوية خير المشتري بين الترك، وأخذ الأرض بكل الثمن لأن النخل كالوصف والثمن بمقابلة الأصل لا الوصف فلذا لا يسقط شيء من الثمن ا هـ. وقيده في البحر بما إذا لم يفصل ثمن كل، فلو فصل سقط النخل بهلاكها كما في تلخيص الجامع. [تنبيه] : في حاشية السيد أبي السعود استفيد من كلامهم: أنه إذا كان لباب الدار المبيعة كيلون من فضة لا يشترط أن ينقد من الثمن ما يقابله قبل الافتراق لدخوله في البيع تبعا، ولا يشكل بما سيأتي في الصرف من مسألة الأمة مع الطوق والسيف المحلى؛ لأن دخول الطوق والحلية في البيع لم يكن على وجه التبعية، لكون الطوق غير متصل بالأمة، والحلية وإن اتصلت بالسيف إلا أن السيف اسم للحلية أيضا كما سيأتي في الصرف، فكانت من مسمى السيف، إذا علم هذا ظهر أنه في بيع الشاش ونحوه إذا كان فيه علم لا يشترط نقد ما قابل العلم من الثمن قبل الافتراق خلافا لمن توهم ذلك من بعض أهل العصر؛ لأن العلم لم يكن من مسمى المبيع، فكان دخوله على وجه التبعية، فلا يقابله حصة من الثمن. ا هـ. قلت: وما ذكره في الكيلون غير مسلم وسنذكر تحرير المسألة في باب الصرف إن شاء الله - تعالى -. (قوله: ولا يدخل الزرع إلخ) إطلاقه يعم ما إذا لم ينبت؛ لأنه حينئذ يمكن أخذه بالغربال، وما إذا عفن واختار الفضلي وتبعه في الذخيرة أنه حينئذ يكون للمشتري؛ لأنه لا يجوز بيعه على الإفراد، وبالإطلاق أخذ أبو الليث نهر وقال: في الفتح واختار الفقيه أبو الليث أنه لا يدخل بكل حال كما هو إطلاق المصنف. ا هـ. (قوله إلا إذا نبت ولا قيمة له) ذكر في الهداية قولين في هذه المسألة بلا ترجيح، وذكر في التجنيس أن الصواب الدخول كما نص عليه القدوري والإسبيجابي والخلاف مبني على الاختلاف في جواز بيعه قبل أن تناله المشافر والمناجل. قال: في الفتح يعني أن من قال: لا يجوز بيعه، قال: يدخل ومن قال: يجوز قال: لا يدخل، ولا يخفى أن كلا من الاختلافين مبني على سقوط تقومه وعدمه، فإن القول بعدم جواز بيعه وبعدم دخوله في البيع كليهما مبني على سقوط تقومه والأوجه جواز بيعه على رجاء تركه كما يجوز بيع الجحش كما ولد رجاء حياته فينتفع به في ثاني الحال. ا هـ. ما في الفتح. وظاهره اختيار عدم الدخول، لاختياره جواز بيعه، وبه صرح في السراج حيث قال: لو باعه بعد ما نبت ولم تنله المشافر والمناجل ففيه روايتان والصحيح أنه لا يدخل إلا بالتسمية ومنشأ الخلاف هل يجوز بيعه أو لا الصحيح الجواز. ا هـ. والحاصل: أن الصور أربع؛ لأنه إما أن يكون بعد النبات أو قبله، وعلى كل إما أن يكون له قيمة أو لا ولا يدخل في الكل لكن وقع الخلاف فيما ليس له قيمة قبل النبات أو بعده. ففي الثانية الأصح الدخول كما ذكره الشارح بل علمت أنه الصواب، وظاهر الفتح اختيار عدمه، وبه صرح في السراج، وكذا في الأولى اختلف الترجيع فاختار الفضلي الدخول، واختار أبو الليث عدمه كما قدمناه عن النهر والفتح، واقتصار الشارح على استثناء الثانية فقط يفيد ترجيح ما اختاره أبو الليث في الأولى، لكن قدمنا عن الفتح أن اختيار أبي الليث أنه لا يدخل بكل حال كما هو إطلاق المصنف يعني صاحب الهداية، وظاهره عدم الدخول في الصور الأربع، وقد وقع في البحر ههنا خلل في فهم كلام السراج المتقدم، وفي بيان الخلاف في الصور المذكورة والصواب ما ذكرناه كما أوضحته فيما علقته عليه فافهم. [تنبيه] قيد بالبيع؛ لأنه في رهن الأرض يدخل الشجر والثمر والزرع وفي وقفها يدخل البناء والشجر، لا الزرع وكذا لو أقر بأرض عليها زرع أو شجر دخل ولا يدخل الزرع في إقالة الأرض وتمامه في البحر. قوله: ولا الثمر في بيع الشجر) الثمر بمثلثة الحمل الذي يخرجه الشجرة وإن لم يؤكل فيقال ثمر الأراك والعوسج والعنب مصباح. وفي الفتح ويدخل في الثمرة الورد والياسمين ونحوهما من المشمومات نهر وشمل ما إذا بيع الشجر مع الأرض أو وحده كان له قيمة أو لا بحر. (قوله: ليفيد أنه لا فرق) أي بين أن يسمي الزرع والثمر بأن يقول: بعتك الأرض وزرعها أو بزرعها أو الشجر وثمره أو معه أو به، وبين أن يخرجه مخرج الشرط فيقول بعتك الأرض على أن يكون زرعها لك أو بعتك الشجر على أن يكون الثمر لك كذا في المنح. ا هـ. ح، ومثله في البحر. مطلب المجتهد إذا استدل بحديث كان تصحيحا له (قوله: وخصه بالثمر) أي خص ذكر الشرط بمسألة الثمر دون مسألة الزرع مع إمكانه العكس اتباعا للحديث المذكور الذي استدل به الإمام محمد على أنه لا فرق بين كون الثمر مؤبرا أو لا. التأبير التلقيح، وهو أن يشق الكم ويذر فيه من طلع النخل ليصلح إناثها والكم بالكسر وعاء الطلع، وأما حديث الكتب الستة: «من باع نخلا مؤبرا فالثمرة للبائع إلا أن يشترط المبتاع» فلا يعارضه؛ لأن مفهوم الصفة غير معتبر عندنا وما قيل: من أن الحديث الأول غريب ففيه أن المجتهد إذا استدل بحديث كان تصحيحا له كما في التحرير وغيره نعم: يرد ما في الفتح أن حمل المطلق على المقيد هنا واجب؛ لأنه في حادثة واحدة في حكم واحد، ثم أجاب عنه بأنهم قاسوا الثمر على الزرع كما قال: في الهداية إنه متصل للقطع لا للبقاء، وهو قياس صحيح وهم يقدمون القياس على المفهوم إذا تعارضا. مطلب في حمل المطلق على المقيد واعترض في البحر قوله إن حمل المطلق على المقيد واجب إلخ بأنه ضعيف لما في النهاية من أن الأصح أنه لا يجوز لا في حادثة، ولا في حادثتين حتى جوز أبو حنيفة التيمم بجميع أجزاء الأرض بحديث: «جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا» ولم يحمل هذا المطلق على المقيد وهو حديث: «التراب طهور». ا هـ. أقول: أجبت عنه فيما علقته على البحر بأن المقيد هنا لا ينفي هنا الحكم عما عداه؛ لأن التراب لقب، ومفهوم اللقب غير معتبر إلا عند فرقة شاذة ممن اعتبر المفاهيم، فليس مما يجب فيه الحمل فلا دلالة في ذلك على أنه يحمل في حادثة عندنا كيف وحمل المطلق على المقيد عند اتحاد الحكم والحادثة مشهور عندنا مصرح به في متن المنار والتوضيح والتلويح وغيرها فما استند إليه من كلام النهاية غير مسلم فافهم. (قوله: ويؤمر البائع بقطعهما) أي فيما إذا باع أرضا فيها زرع لم يسمه أو شجرا عليه ثمر لم يشترطه حتى بقي الزرع والثمر على ملك البائع. (قوله: الزرع والثمر) بدل من ضمير التثنية وقوله: " الأرض والشجر " بدل من " المبيع ". (قوله: عند وجوب تسليمهما) أي تسليم الأرض والشجر وذلك عند نقد المشتري الثمن. (قوله: لم يؤمر به) أي بالقطع لعدم وجوب التسليم. (قوله: وإن لم يظهر صلاحه) الأولى صلاحهما أي الزرع والثمر وهو المناسب لقوله بقطعهما. (قوله: لأن ملك المشتري مشغول إلخ) علة لقوله: ويؤمر البائع بقطعهما إلخ وفي النهر عن جامع الفصولين باع شجرا عليه ثمر أو كرما عليه عنب لا يدخل الثمر فلو استأجر الشجر من المشتري ليترك عليه الثمر لم يجز ولكن يعار إلى الإدراك فلو أبى المشتري يخير البائع إن شاء أبطل البيع أو قطع الثمر. ا هـ. وسيذكره الشارح آخر الباب فتأمله. مع قول المتون، ويؤمر البائع بالقطع فإنه ينافي التخيير المذكور ولعله قول آخر فليحرر. (قوله: وما في الفصولين) أي جامع الفصولين لابن قاضي سماوة جمع فيه بين فصولي العمادي والإستروشني ط. (قوله: محمول على ما إذا رضي المشتري) أي رضي بإبقاء الزرع بأجر مثل الأرض وإلا أمر البائع بالقلع توفيقا بين كلامهم، وأما إذا انقضت المدة في الإجارة فللمستأجر أن يبقي الزرع بأجر المثل إلى انتهائه للانتفاع وذلك بالترك دون القلع، بخلاف الشراء؛ لأنه لملك الرقبة فلا يراعى فيه إمكان الانتفاع بحر. مطلب في بيع الثمر والزرع والشجر مقصودا (قوله: ومن باع ثمرة بارزة) لما فرغ من بيع الثمر تبعا للشجر شرع في بيعه مقصودا ولم يذكر حكم بيع الزرع والشجر مقصودا قال: في الدرر: لا يصح بيع الزرع قبل صيرورته بقلا؛ لأنه ليس بمنتفع به، وتابع للأرض، فيكون كالوصف، فلا يجوز إيراد العقد عليه بانفراده، وإن باع على أن يتركه حتى يدرك لم يجز وكذا الرطبة والبقول ويجوز بيع حصته من شريكه مطلقا أي سواء بلغ أوان الحصاد أو لا ومن غيره بغير إذنه إن لم يفسخ إلى الحصاد فإنه حينئذ ينقلب إلى الجواز كما إذا باع الجذع في السقف ولم يفسخ البيع حتى أخرجه وسلمه. ا هـ. ويأتي في المتن بيع البر في سنبله وفي البحر عن الظهيرية: اشترى شجرة للقلع يؤمر بقلعها بعروقها، وليس له حفر الأرض إلى انتهاء العروق بل يقلعها على العادة إلا إن شرط البائع القطع على وجه الأرض، أو يكون في القلع من الأصل مضرة للبائع ككونها بقرب حائط أو بئر فيقطعها على وجه الأرض، فإن قطعها أو قلعها فنبت مكانها أخرى، فالنابت للبائع إلا إذا قطع من أعلاها فهي للمشتري سراج ولو اشترى نخلة ولم يبين أنها للقلع أو للقرار قال: أبو يوسف لا يملك أرضها وأدخل محمد ما تحتها وهو المختار وإن اشتراها للقطع لا تدخل الأرض اتفاقا، وإن للقرار تدخل اتفاقا وإن باع نصيبا له من شجرة بلا إذن الشريك جاز إن بلغت أوان قطعها وإلا فلا. ا هـ. وقدمنا في الشركة حكم بيع الحصة الشائعة من ثمر أو زرع أو شجر مفصلا موضحا فراجعه. (قوله: أما قبل الظهور) أشار إلى أن البروز بمعنى الظهور، والمراد به انفراد الزهر عنها وانعقادها ثمرة وإن صغرت. (قوله: ظهر صلاحها أو لا) قال: في الفتح لا خلاف في عدم جواز بيع الثمار قبل أن تظهر ولا في عدم جوازه بعد الظهور قبل بدو الصلاح، بشرط الترك ولا في جوازه قبل بدو الصلاح بشرط القطع فيما ينتفع به، ولا في الجواز بعد بدو الصلاح، لكن بدو الصلاح عندنا أن تؤمن العاهة والفساد، وعند الشافعي هو ظهور النضج وبدو الحلاوة والخلاف إنما هو في بيعها قبل بدو الصلاح على الخلاف في معناه، لا بشرط القطع فعند الشافعي ومالك وأحمد لا يجوز، وعندنا إن كان بحال لا ينتفع به في الأكل، ولا في علف الدواب فيه خلاف بين المشايخ قيل: لا يجوز ونسبه قاضي خان لعامة مشايخنا، والصحيح أنه يجوز؛ لأنه مال منتفع به في ثاني الحال إن لم يكن منتفعا به في الحال، والحيلة في جوازه باتفاق المشايخ أن يبيع الكمثرى أول ما تخرج مع أوراق الشجر فيجوز فيها تبعا للأوراق كأنه ورق كله، وإن كان بحيث ينتفع به ولو علفا للدواب فالبيع جائز باتفاق أهل المذهب إذا باع بشرط القطع أو مطلقا. ا هـ. (قوله: لا يصح في ظاهر المذهب) قال: في الفتح: ولو اشتراها مطلقا أي بلا شرط قطع أو ترك فأثمرت ثمرا آخر قبل القبض فسد البيع؛ لأنه لا يمكنه تسليم المبيع لتعذر التمييز فأشبه هلاكه قبل التسليم، ولو أثمرت بعد القبض يشتركان فيه للاختلاط، والقول قول المشتري في مقداره مع يمينه؛ لأنه في يده وكذا في بيع الباذنجان والبطيخ إذا حدث بعد القبض خروج بعضها اشتركا كما ذكرنا. ا هـ. ومقتضاه أنها لو أثمرت بعد القبض يصح البيع في الموجود وقت البيع، فإطلاق المصنف تبعا للزيلعي محمول على ما إذا باع الموجود والمعدوم كما يفيده ما يأتي عن الحلواني، ما ذكره في الفتح من التفصيل محمول على ما إذا باع الموجود فقط، وعلى هذا فقول الفتح عقب ما قدمناه عنه، وكان الحلواني يفتي بجوازه في الكل إلخ، لا يناسب التفصيل الذي ذكره؛ لأنه لا وجه لجواز البيع في الكل إذا وقع البيع على الموجود فقط فاغتنم هذا التحرير. (قوله: وأفتى الحلواني بالجواز) وزعم أنه مروي عن أصحابنا وكذا حكى عن الإمام الفضلي، وقال: استحسن فيه لتعامل الناس، وفي نزع الناس عن عادتهم حرج قال: في الفتح: وقد رأيت رواية في نحو هذا عن محمد في بيع الورد على الأشجار فإن الورد متلاحق، وجوز البيع في الكل وهو قول مالك. ا هـ. قال: الزيلعي وقال: شمس الأئمة السرخسي: والأصح أنه لا يجوز؛ لأن المصير إلى مثل هذه الطريقة عند تحقق الضرورة ولا ضرورة هنا؛ لأنه يمكنه أن يبيع الأصول على ما بينا أو يشتري الموجود ببعض الثمن، ويؤخر العقد في الباقي إلى وقت وجوده أو يشتري الموجود بجميع الثمن: ويبيح له الانتفاع بما يحدث منه، فيحصل مقصودهما بهذا الطريق، فلا ضرورة إلى تجويز العقد في المعدوم مصادما للنص، وهو ما روي «أنه عليه الصلاة والسلام نهى عن بيع ما ليس عند الإنسان ورخص في السلم» ا هـ. قلت: لكن لا يخفى تحقق الضرورة في زماننا ولا سيما في مثل دمشق الشام كثيرة الأشجار والثمار فإنه لغلبة الجهل على الناس لا يمكن إلزامهم بالتخلص بأحد الطرق المذكورة، وإن أمكن ذلك بالنسبة إلى بعض أفراد الناس لا يمكن بالنسبة إلى عامتهم وفي نزعهم عن عادتهم حرج كما علمت، ويلزم تحريم أكل الثمار في هذه البلدان إذ لا تباع إلا كذلك، والنبي صلى الله عليه وسلم إنما رخص في السلم للضرورة مع أنه بيع المعدوم، فحيث تحققت الضرورة هنا أيضا أمكن إلحاقه بالسلم بطريق الدلالة، فلم يكن مصادما للنص، فلذا جعلوه من الاستحسان؛ لأن القياس عدم الجواز، وظاهر كلام الفتح الميل إلى الجواز ولذا أورد له الرواية عن محمد بل تقدم أن الحلواني رواه عن أصحابنا وما ضاق الأمر إلا اتسع ولا يخفى أن هذا مسوغ للعدول عن ظاهر الرواية كما يعلم من رسالتنا المسماة نشر العرف في بناء بعض الأحكام على العرف فراجعها. (قوله: لو الخارج أكثر) ذكر في البحر عن الفتح أن ما نقله شمس الأئمة عن الإمام الفضلي لم يقيده عنه بكون الموجود وقت العقد أكثر بل قال: عنه أجعل الموجود أصلا، وما يحدث بعد ذلك تبعا. (قوله: ويقطعها المشتري) أي إذا طلب البائع تفريغ ملكه وهذا راجع لأصل المسألة. (قوله: جبرا عليه) مفاده أنه لا خيار للمشتري في إبطال البيع إذا امتنع البائع عن إبقاء الثمار على الأشجار، وفيه بحث لصاحب البحر و النهر سيذكره الشارح آخر الباب. (قوله: فسد) أي مطلقا كما يرشد إليه التفصيل في القول المقابل له فافهم. وعلل في البحر الفساد بأنه شرط لا يقتضيه العقد وهو شغل ملك الغير. (قوله: كشرط القطع على البائع) في البحر عن الولوالجية: باع عنبا جزافا وكذا الثوم في الأرض والجزر والبصل، فعلى المشتري قطعه إذا خلى بينه وبين المشترى؛ لأن القطع إنما يجب على البائع إذا وجب عليه الكيل أو الوزن ولم يجب؛ لأنه لم يبع مكايلة ولا موازنة. (قوله: وبه يفتى) قال: في الفتح: ويجوز عند محمد استحسانا وهو قول الأئمة الثلاثة، واختاره الطحاوي لعموم البلوى. (قوله: بحر عن الأسرار) عبارة البحر وفي الأسرار الفتوى على قول محمد، وبه أخذ الطحاوي وفي المنتقى ضم إليه أبا يوسف وفي التحفة والصحيح قولهما. (قوله: لكن في القهستاني عن المضمرات) حقه أن يقول عن النهاية؛ لأن عبارة القهستاني مع المتن: وشرط تركها على الشجر والرضا به يفسد البيع عندهما وعليه الفتوى كما في النهاية، ولا يفسد عند محمد إن بدا صلاح بعض وقرب صلاح الباقي وعليه الفتوى كما في المضمرات ا هـ. وما نقله القهستاني عن المضمرات مخالف لما في الهداية والفتح والبحر وغيرها من حكاية الخلاف في الذي تناهى صلاحه، فإنه صريح في تناهي الصلاح لا في بدوه، وأيضا المتبادر منه صلاح الكل. تأمل. (قوله: فتنبه) أشار به إلى اختلاف التصحيح وتخيير المفتي في الإفتاء بأيهما شاء لكن حيث كان قول محمد هو الاستحسان يترجح على قولهما تأمل. (قوله: قيد باشتراط الترك) أي قيد المصنف الفساد به. (قوله: مطلقا) أي بلا شرط ترك أو قطع، وظاهره ولو كان الترك متعارفا مع أنهم قالوا: المعروف عرفا كالمشروط نصا، ومقتضاه فساد البيع وعدم حل الزيادة. تأمل. (قوله: طاب له الزيادة) هي ما زاد في ذات المبيع فلا ينافي ما قدمناه من أنه لو أثمرت ثمرا آخر، فإن قبل القبض فسد البيع أو بعده يشتركان فيه؛ لأن ذاك في الزيادة على المبيع مما لم يقع عليه البيع، وهذا في زيادة ما وقع عليه البيع كما أفاده في النهر. وحاصله: أن المراد هنا الزيادة المتصلة لا المنفصلة. (قوله: تصدق بما زاد في ذاتها) لحصوله بجهة محظورة بحر وتعرف الزيادة بالتقويم يوم البيع والتقويم يوم الإدراك فالزيادة تفاوت ما بينهما. ط عن العيني. (قوله: لم يتصدق بشيء) نعم عليه إثم غصب المنفعة فتح. (قوله بطلت الإجارة) وإن عين المدة در منتقى، فإن أصل الإجارة مقتضى القياس فيها البطلان إلا أن الشرع أجازها للحاجة فيما فيه تعامل، ولا تعامل في إجارة الأشجار المجردة فلا يجوز وكذا لو استأجر أشجارا ليجفف عليها ثيابه لم يجز. ذكره الكرخي فتح. (قوله: لترك الزرع) الأولى تعبير الهداية وغيرها بقوله إلى أن يدرك الزرع أي وقت إدراكه بلا ذكر مدة. (قوله: ولم تطب الزيادة) أي الزيادة على الثمرة وعلى ما غرم من أجرة المثل. ط عن العيني. مطلب: فساد المتضمن يوجب فساد المتضمن (قوله: كما حررناه في شرحه) ونصه لفساد الإذن بفساد الإجارة وفساد المتضمن يوجب فساد المتضمن بخلاف الباطل، فإنه معدوم شرعا أصلا ووصفا، فلا يتضمن شيئا فكانت مباشرته عبارة عن الإذن. ا هـ. ح. وحاصل الفرق كما في الفتح وغيره: أن الفاسد له وجود؛ لأنه فائت الوصف دون الأصل فكان الإذن ثابتا في ضمنه فيفسد، بخلاف الباطل فإنه لا وجود له أصلا فلم يوجد إلا الإذن ولا يخفى أن هذا الفرق ينافي ما مر أول البيوع من أن البيع بعد عقد فاسد أو باطل لا ينعقد قبل متاركة العقد الأول، وينافي فروعا أخر مذكورة في آخر الفن الثالث من الأشباه عند قوله: " فائدة: إذا بطل الشيء بطل ما في ضمنه " فراجعها متأملا. (قوله: والحيلة) في أن يطيب للمشتري ما زاد في ذات المبيع وما لم يكن بارزا وقت العقد. (قوله: أن يأخذ) أي المشتري. (قوله: معاملة) أي مساقاة لمدة معلومة كما في القنية. (قوله: على أن له إلخ) أي للبائع قال: في شرحه على الملتقى، وينبغي أن يقول المشتري للبائع بعد ما دفع الثمن أخذت منك هذا الشجر معاملة على أن لك جزءا من ألف جزء، ولي ألف جزء إلا جزءا أي من الثمر ذكره الشمني، وفيه أن المشتري قد أخذ الثمر شراء فكيف يأخذه معاملة إلا أن يقال: إنه دفع له الثمن على وجه التبرع، ويكون الاعتبار على عقد المعاملة. ا هـ. قلت: الشراء إنما وقع على البارز وقت العقد، والمعاملة لأجل طيب ما لم يبرز بعد، وطيب ما زاد في ذات البارز، نعم هذه الحيلة إنما تتأتى إذا لم يكن الشجر وقفا أو ليتيم لعدم الحظ والمصلحة في أخذه جزءا من ألف جزء والباقي للمشتري، كما ذكر الشارح نظيره في أول كتاب الإجارة. (قوله: وأن يشتري إلخ) هذه حيلة ثانية، وبيانها أن المشترى إما أن يكون مما يوجد شيئا فشيئا وقد وجد بعضه أو لم يوجد منه شيء كالباذنجان والبطيخ والخيار أو يوجد كله لكنه لم يدرك كالزرع والحشيش، أو يكون وجد بعضه دون بعض كثمر الأشجار المختلفة الأنواع: ففي الأول يشتري الأصول ببعض الثمن ويستأجر الأرض مدة معلومة بباقي الثمن، لئلا يأمره البائع بالقلع قبل خروج الباقي أو قبل الإدراك، وفي الثاني يشتري الموجود من الحشيش والزرع، ويستأجر الأرض كما قلنا، وفي الثالث يشتري الموجود من الثمر بكل الثمن، ويحل له البائع ما سيوجد؛ لأن استئجار الأرض لا يتأتى هنا لأن الأشجار باقية على ملك البائع، وقيامها في الأرض مانع من صحة استئجار الأرض إلا أن يأخذها أولا معاملة كما مر؛ لأنها تصير في تصرفه أو تكون الأشجار على المسناة فإنها حينئذ لا تمنع صحة إجارة الأرض كما يعلم من بابهم، ومسألة الإحلال تتأتى في الأول والثاني أيضا. (قوله: ببعض الثمن) تنازع فيه يشتري الأول ويشتري الثاني في المسألتين وقوله: ويستأجر الأرض راجع للمسألتين أيضا كما علم مما قررناه. (قوله: وفي الأشجار الموجود) أي وفي الأشجار يشتري الموجود منها. (قوله: فإن خاف إلخ) قال: في جامع الفصولين أقول: كتبت في لطائف الإشارات أنهم قالوا: قال: وكلتك بكذا على أني كلما عزلتك فأنت وكيلي صح، وقيل: لا فإذا صح يبطل العزل عن المعلقة قبل وجود الشرط عند أبي يوسف، وجوزه محمد فيقول: في عزله رجعت عن الوكالة المعلقة وعزلتك عن الوكالة المنجزة ا هـ. رملي. وحاصله: أنه على قول محمد يمكن الرجوع هنا عن الإحلال بأن يقول: رجعت عن الإحلال المعلق وعن المنجز فيتعين حينئذ الاحتيال بالمعاملة على الأشجار كما مر. (قوله: في الترك) المناسب: في الأكل؛ لأن فرض المسألة أنه أحل له ما يوجد في المستقبل، والترك إنما يناسب الموجود إلا أن يدعى أن المراد ما يوجد من الزيادة في ذات المبيع الموجود. [تتمة] : اشترى الثمار على رءوس الأشجار، فرأى من كل شجرة بعضها يثبت له خيار الرؤية بحر ثم ذكر حكم بيع المغيب في الأرض وسيأتي الكلام عليه إن شاء الله - تعالى - في أول البيع الفاسد. (قوله: ما جاز إيراد العقد عليه إلخ) هذه قاعدة مذكورة في عامة المعتبرات مفرع عليها مسائل منها ما ذكر هنا منح (قوله: صح استثناؤه منه) أي من العقد كما هو مصرح به في عبارة الفتح، وهذا أولى من جعل الضمير في منه راجعا للمبيع المعلوم من المقام فافهم، ولا يصح إرجاعه إلى " ما " لأنها واقعة على المستثنى، فيلزم استثناء الشيء من نفسه كما لا يخفى قال في الفتح وبيع قفيز من صبرة جائز فكذا استثناؤه بخلاف استثناء الحمل من الجارية أو الشاة وأطراف الحيوان لا يجوز كما لو باع هذه الشاة إلا أليتها أو هذا العبد إلا يده، فيصير مشتركا متميزا بخلاف ما لو كان مشتركا على الشيوع فإنه جائز. ا هـ. أي كبيع العبد إلا نصفه مثلا لأنه غير متميز في جزء بعينه بل شائع في جميع أجزائه فيجوز. (قوله: يصح إفرادها) بأن يوصي بها وحدها بدون الرقبة ا هـ. ح. (قوله: دون الاستثناء) بأن يوصي له بعبد دون خدمته. ا هـ. ح وقيد بالخدمة؛ لأن الحمل يصح استثناؤه في الوصية، حتى يكون الحمل ميراثا والجارية وصية، والفرق أن الوصية أخت الميراث، والميراث يجري فيما في البطن بخلاف الخدمة، والغلة كالخدمة بحر من البيع الفاسد. (قوله: وشاة معينة من قطيع) أما لو غير معينة فلا يجوز كثوب غير معين من عدل أفاده في البحر. قوله: وأرطال معلومة) أفاد أن محل الاختلاف الآتي ما إذا استثنى معينا، فإن استثنى جزءا كربع وثلث فإنه صحيح اتفاقا كما في البحر عن البدائع. قلت: وجهه أن ما يقدر بالرطل شيء معين، بخلاف الربع مثلا فإنه غير معين، بل هو جزء شائع كما قلنا آنفا، ونظيره ما قدمناه عند قوله وفسد بيع عشرة أذرع من مائة ذراع من دار لا أسهم، وقيد بالأرطال؛ لأنه لو استثنى رطلا واحدا جاز اتفاقا؛ لأنه استثناء القليل من الكثير بخلاف الأرطال لجواز أن لا يكون إلا ذلك القدر فيكون استثناء الكل من الكل بحر عن البناية، ومقتضاه أنه لو علم أنه يبقى أكثر من المستثنى يصح ولو المستثنى أرطالا على رواية الحسن الآتية وهو خلاف ما يدل عليه كلام الفتح من تعليل هذه الرواية بأن الباقي بعد إخراج المستثنى ليس مشارا إليه ولا معلوم الكيل المخصوص، فكان مجهولا وإن ظهر آخرا أنه بقي مقدار معين؛ لأن المفسد هو الجهالة القائمة. ا هـ. ومقتضاه الفساد باستثناء الرطل الواحد أيضا على هذه الرواية تأمل. (قوله: لصحة إيراد العقد عليها) أي على القفيز والشاة المعينة والأرطال المعلومة، وهو تعليل لقوله فصح، أفاد به دخول ما ذكر تحت القاعدة المذكورة. (قوله: ولو الثمر على رءوس النخل) فيصح إذا كان مجذوذا بالأولى لأنه محل وفاق. (قوله: على الظاهر) متعلق بقوله فصح ومقابل ظاهر الرواية رواية الحسن عن الإمام أنه لا يجوز، واختاره الطحاوي والقدوري؛ لأن الباقي بعد الاستثناء مجهول وفي الفتح أنه أقيس بمذهب الإمام في مسألة بيع الصبرة وأجاب عنه في النهر فراجعه. (قوله: بغير سنبل البر) متعلق ببيع والباء فيه للبدل قال الخير الرملي في حاشية البحر وسيأتي في الربا أن بيع الحنطة الخالصة بحنطة في سنبلها لا يجوز، ويجب تقييده بما إذا لم تكن الحنطة الخالصة أكثر من التي في سنبلها، وقد صرح بذلك في الخانية، ويعلم بذلك أنه يجوز بيع التي في سنبلها معه بالأخرى التي في سنبلها معه صرفا للجنس إلى خلافه. ا هـ. وبه ظهر أن قول المصنف كبيع بر في سنبله إن أراد به بيع الحب فقط كما يشعر به قول الشارح الآتي وعلى البائع إخراجه، فتقييده بقوله بغير سنبل البر احتراز عما إذا باعه بسنبل البر أي بالبر مع سنبله، فإنه لا يجوز إذا لم يكن الحب الخالص أكثر. أما إذا كان أكثر يكون الزائد بمقابلة التبن فيجوز، وإن أراد به بيع البر مع السنبل، فلا يصح تقييده بقوله بغير سنبله لما علمت من جواز بيعه بمثله بأن يجعل الحب في أحدهما بمقابلة التبن في الآخر. (قوله: لاحتمال الربا) تعليل للمفهوم، وهو أنه لو بيع بسنبل البر لا يجوز لاحتمال أن يكون البر الذي بيع وحده مساويا للبر الذي بيع مع سنبله، أو أقل فيكون الفضل ربا إلا إذا علم أن ما بيع وحده أكثر كما قلنا آنفا. (قوله: وباقلاء) هو القول بحر: على وزن " فاعلاء " يشدد فيقصر، ويخفف فيمد الواحدة باقلاة في الوجهين مصباح. (قوله: في قشرها الأول) وكذا الثاني بالأولى؛ لأن الأول فيه خلاف الشافعي. (قوله: فعلى البائع إخراجه) في البزازية لو باع حنطة في سنبلها لزم البائع الدوس والتذرية بحر. وكذا الباقلا وما بعدها. (قوله: إلا إذا باع بما فيه) عبارته في الدر المنتقى إلا إذا بيعت بما هي فيه ا هـ. وهي أوضح يعني إذا باع الحنطة بالتبن لا يلزم البائع تخليصه ط. (قوله: الوجه نعم) لأنه لم يره فتح وأقر في البحر والنهر. (قوله: وإنما بطل إلخ) قال: في الفتح وأورد المطالبة بالفرق بين ما إذا باع حب قطن في قطن بعينه، أو نوى تمر في تمر بعينه أي باع ما في هذا القطن من الحب، أو ما في هذا التمر من النوى فإنه لا يجوز مع أنه أيضا في غلافه، أشار أبو يوسف إلى الفرق بأن النوى هناك معتبر عدما هالكا في العرف فإنه يقال هذا تمر وقطن، ولا يقال هذا نوى في تمره، ولا حب في قطنه، ويقال: هذه حنطة في سنبلها، وهذا لوز وفستق في قشره، ولا يقال: هذه قشور فيها لوز، ولا يذهب إليه وهم، وبما ذكرنا يخرج الجواب عن امتناع بيع اللبن في الضرع واللحم والشحم في الشاة والألية والأكارع والجلد فيها والدقيق في الحنطة والزيت في الزيتون والعصير في العنب ونحو ذلك حيث لا يجوز؛ لأن كل ذلك منعدم في العرف، لا يقال: هذا عصير وزيت في محله وكذا الباقي. ا هـ. (قوله: من نوى إلخ) نشر مرتب ط. (قوله: لأنه من تمام التسليم) إذ لا يتحقق تسليم المبيع إلا بكيله ووزنه ونحوه ومعلوم أن الحاجة إلى هذا إذا باع مكايلة أو موازنة، ونحوه إذ لا يحتاج إلى ذلك في المجازفة وكذا صب الحنطة في وعاء المشتري على البائع فتح. (قوله: وأجرة وزن ثمن ونقده) أما كون أجرة وزن الثمن على المشتري فهو باتفاق الأئمة الأربعة، وأما الثاني فهو ظاهر الرواية وبه كان يفتي الصدر الشهيد وهو الصحيح كما في الخلاصة؛ لأنه يحتاج إلى تسليم الجيد، وتعرفه بالنقد كما يعرف المقدار بالوزن ولا فرق بين أن يقول دراهمي منقودة أو لا هو الصحيح خلافا لمن فصل وتمامه في النهر. (قوله: وقطع ثمر) في الفتح عن الخلاصة: وقطع العنب المشري جزافا على المشتري وكذا كل شيء باعه جزافا كالثوم والبصل والجزر إذا خلى بينها وبين المشتري، وكذا قطع الثمر يعني إذا خلى بينها وبين المشتري. ا هـ. (قوله: إلا إذا قبض البائع الثمن إلخ) أي فإن أجرة النقد على البائع لأنه من تمام التسليم، وشرط لثبوت الرد إذ لا تثبت زيافته إلا بنقده قال: في البحر: وأما أجرة نقد الدين فعلى المديون إلا إذا قبض رب الدين الدين، ثم ادعى عدم النقد فالأجرة على رب الدين؛ لأنه بالقبض دخل في ضمانه. (قوله: فبقدره) أي فيرد من الأجرة بقدر ما ظهر زيفا، فيرد نصف الأجرة إن ظهر نصف الدراهم زيوفا، وما عزاه إلى البزازية رأيته أيضا في الخانية والولوالجية، ورأيت منقولا عن المحيط أنه لا أجر له بظهور البعض زيوفا؛ لأنه لم يوف عمله ولا ضمان عليه. (قوله: فأجرته على البائع) وليس له أخذ شيء من المشتري؛ لأنه هو العاقد حقيقة شرح الوهبانية وظاهره أنه لا يعتبر العرف هنا؛ لأنه لا وجه له. (قوله: يعتبر العرف) فتجب الدلالة على البائع أو المشتري أو عليهما بحسب العرف جامع الفصولين. (قوله: إن أحضر البائع السلعة) شرط لإلزام المشتري بتسليم الثمن أولا والشرط أيضا كون الثمن حالا، وأن لا يكون في البيع خيار للمشتري، فلا يطالب بالثمن قبل حلول الأجل ولا قبل سقوط الخيار. وأفاد أن للبائع حبس المبيع حتى يستوفي كل الثمن، فلو شرط دفع المبيع قبل نقد الثمن فسد البيع؛ لأنه لا يقتضيه العقد، وقال: محمد لجهالة الأجل، فلو سمى وقت البائع أو المبيع جاز وله الحبس وإن بقي منه درهم كما في البحر. وفي الفتح والدر المنتقى: لو هلك المبيع بفعل البائع أو بفعل المبيع أو بأمر سماوي، بطل البيع ويرجع بالثمن لو مقبوضا وإن هلك بفعل المشتري، فعليه ثمنه إن كان البيع مطلقا أو بشرط الخيار له، وإن كان الخيار للبائع أو كان البيع فاسدا لزمه ضمان مثله إن كان مثليا وقيمته إن كان قيميا، وإن هلك بفعل أجنبي فالمشتري بالخيار إن شاء فسخ البيع فيضمن الجاني للبائع ذلك، وإن شاء أمضاه ودفع الثمن واتبع الجاني، ويطيب له الفضل إن كان الضمان من خلاف الثمن وإلا فلا. ا هـ. مطلب في حبس المبيع لقبض الثمن وفي هلاكه وما يكون قبضا [تنبيه] : للبائع حبس المبيع إلى قبض الثمن، ولو بقي منه درهم ولو المبيع شيئين بصفقة واحدة، وسمى لكل ثمنا فله حبسهما إلى استيفاء الكل، ولا يسقط حق الحبس بالرهن ولا بالكفيل، ولا بإبرائه عن بعض الثمن حتى يستوفي الباقي، ويسقط بحوالة البائع على المشتري بالثمن اتفاقا وكذا بحوالة المشتري البائع به على رجل عند أبي يوسف، وعند محمد فيه روايتان، وبتأجيل الثمن بعد البيع وبتسليم البائع المبيع قبل قبض الثمن فليس له بعده رده إليه بخلاف ما إذا قبضه المشتري بلا إذنه إلا إذا رآه ولم يمنعه من القبض فهو إذن، وقد يكون القبض حكميا قال: محمد كل تصرف يجوز من غير قبض إذا فعله المشتري قبل القبض لا يجوز وكل ما لا يجوز إلا بالقبض كالهبة إذا فعله المشتري قبل القبض جاز، ويصير المشتري قابضا. ا هـ. أي لأن قبض الموهوب له يقوم مقام قبض المشتري ومن القبض ما لو أودعه المشتري عند أجنبي أو أعاره وأمر البائع بالتسليم إليه لا لو أودعه، أو أعاره أو آجره من البائع أو دفع إليه بعض الثمن، وقال: تركته عندك رهنا على الباقي ومنه ما لو قال: للغلام: تعال معي وامش فتخطى أو أعتقه أو أتلف المبيع أو أحدث فيه عيبا أو أمر البائع بذلك ففعل أو أمره بطحن الحنطة فطحن، أو وطئ الأمة فحبلت، ومنه ما لو اشترى دهنا ودفع قارورة يزنه فيها فوزنه فيها بحضرة المشتري، فهو قبض وكذا بغيبته في الأصح، وكذا كل مكيل أو موزون إذا دفع له الوعاء فكاله أو وزنه فيه بأمره، ومنه ما لو غصب شيئا ثم اشتراه صار قابضا بخلاف الوديعة والعارية إلا إذا وصل إليه بعد التخلية ولو اشترى ثوبا أو حنطة فقال: للبائع: بعه قال: الإمام الفضلي: إن كان قبل القبض والرؤية كان فسخا، وإن لم يقل البائع نعم؛ لأن المشتري ينفرد بالفسخ في خيار الرؤية، وإن قال: بعه لي أي كن وكيلا في الفسخ فما لم يقبل البائع لا يكون فسخا، وكذا لو بعد القبض والرؤية لكن يكون وكيلا بالبيع سواء قال: بعه أو بعه لي هذا كله ملخص ما في البحر. (قوله: أو ثمن بمثله) المراد بالثمن النقود من الدراهم والدنانير؛ لأنها خلقت أثمانا ولا تتعين بالتعيين. (قوله: سلما معا) لاستوائهما في التعيين في الأول وفي عدمه في الثاني، أما في بيع سلعة بثمن فإنما تعين حق المشتري في المبيع، فلذا أمر بتسليم الثمن أولا ليتعين حق البائع أيضا تحقيقا للمساواة. (قوله: ما لم يكن إلخ) الظرف الذي نابت عنه ما المصدرية الظرفية متعلق بقوله: ويسلم الثمن فكان المناسب ذكره عقب قوله إن أحضر البائع السلعة بأن يقول: ولم يكن دينا إلخ. (قوله: كسلم وثمن مؤجل) تمثيل لما إذا كان أحد العوضين دينا فالأول مثال المبيع؛ لأن المراد بالسلم المسلم فيه والثاني مثال الثمن. (قوله: ثم التسليم) أي في المبيع والثمن ولو كان البيع فاسدا كما في البحر ط. مطلب فيما يكون قبضا للمبيع (قوله: على وجه يتمكن من القبض) فلو اشترى حنطة في بيت ودفع البائع المفتاح إليه وقال: خليت بينك وبينها، فهو قبض وإن دفعه ولم يقل شيئا لا يكون قبضا، وإن باع دارا غائبة فقال: سلمتها إليك فقال: قبضتها، لم يكن قبضا، وإن كانت قريبة كان قبضا: وهي أن تكون بحال يقدر على إغلاقها وإلا فهي بعيدة، وفي جمع النوازل دفع المفتاح في بيع الدار تسليم إذا تهيأ له فتحه بلا كلفة، وكذا لو اشترى بقرا في السرح فقال: البائع: اذهب واقبض إن كان يرى بحيث يمكنه الإشارة إليه يكون قبضا، ولو اشترى ثوبا فأمره البائع بقبضه فلم يقبضه حتى أخذه إنسان إن كان حين أمره بقبضه أمكنه من غير قيام صح التسليم، وإن كان لا يمكنه إلا بقيام لا يصح، ولو اشترى طيرا أو فرسا في بيت، وأمره البائع بقبضه ففتح الباب فذهب إن أمكنه أخذه بلا عون كان قبضا، وتمامه في البحر.مطلب في شروط التخلية وحاصله: أن التخلية قبض حكما لو مع القدرة عليه بلا كلفة لكن ذلك يختلف بحسب حال المبيع، ففي نحو حنطة في بيت مثلا فدفع المفتاح إذا أمكنه الفتح بلا كلفة قبض، وفي نحو دار فالقدرة على إغلاقها قبض أي بأن يكون في البلد فيما يظهر، وفي نحو بقر في مرعى فكونه بحيث يرى ويشار إليه قبض وفي نحو ثوب، فكونه بحيث لو مد يده تصل إليه قبض، وفي نحو فرس أو طير في بيت إمكان أخذه منه بلا معين قبض. (قوله: بلا مانع) بأن يكون مفرزا غير مشغول بحق غيره، فلو كان المبيع شاغلا كالحنطة في جوالق البائع لم يمنعه بحر. وفي الملتقط: ولو باع دارا وسلمها إلى المشتري وله فيها متاع قليل أو كثير لا يكون تسليما حتى يسلمها فارغة، وكذا لو باع أرضا وفيها زرع. ا هـ. وفي البحر عن القنية: لو باع حنطة في سنبلها فسلمها كذلك لم يصح كقطن في فراش، ويصح تسليم ثمار الأشجار وهي عليها بالتخلية وإن كانت متصلة بملك البائع، وعن الوبري المتاع لغير البائع لا يمنع، فلو أذن له بقبض المتاع والبيت صح وصار المتاع وديعة عنده. ا هـ. مطلب اشترى دارا مأجورة لا يطالب بالثمن قبل قبضها قلت: ويدخل في الشغل بحق الغير ما لو كانت الدار مأجورة، فليس للبائع مطالبة المشتري بالثمن لعدم القبض وهي واقعة الفتوى سئل عنها ورأيت نقلها في الفصل الثاني والثلاثين من جامع الفصولين: باع المستأجر ورضي المشتري أن لا يفسخ الشراء إلى مضي مدة الإجارة ثم يقبضه من البائع، فليس له مطالبة البائع بالتسليم قبل مضيها ولا للبائع مطالبة المشتري بالثمن ما لم يجعل المبيع بمحل التسليم، وكذا لو اشترى غائبا لا يطالبه بثمنه ما لم يتهيأ المبيع للتسليم ا هـ. (قوله: ولا حائل) بأن يكون في حضرته. ا هـ. ح وقد علمت بيانه. (قوله: أن يقول خليت إلخ) الظاهر أن المراد به الإذن بالقبض لا خصوص لفظ التخلية، لما في البحر ولو قال: البائع للمشتري بعد البيع: خذ لا يكون قبضا ولو قال: خذه يكون تخلية إذا كان يصل إلى أخذه. ا هـ. وفي الفروع المارة ما يدل عليه أيضا. (قوله: أو كان بعيدا) أي وإن قال: خليت إلخ كما مر والمراد بالبعيد ما لا يقدر على قبضه، بلا كلفة، ويختلف باختلاف المبيع كما قررناه، أو المراد به حقيقته ويقاس عليه ما شابهه. (قوله: وهو لا يصح به القبض) أي الإقرار المذكور ولا يتحقق به القبض وقيد بالقبض؛ لأن العقد في ذاته صحيح، غير أنه لا يجب على المشتري دفع الثمن لعدم القبض. (قوله: على الصحيح) وهو ظاهر الرواية، ومقابله ما في المحيط وجامع شمس الأئمة أنه بالتخلية يصح القبض وإن كان العقار بعيدا غائبا عنهما عند أبي حنيفة خلافا لهما، وهو ضعيف كما في البحر وفي الخانية والصحيح ما ذكر في ظاهر الرواية لأنه إذا كان قريبا يتصور فيه القبض الحقيقي في الحال فتقام التخلية مقام القبض، أما إذا كان بعيدا لا يتصور القبض في الحال فلا تقام التخلية مقام القبض. ا هـ. هذا ثم إن ما ذكره الشارح هنا نقل مثله في أواخر الإجارات عن وقف الأشباه. ثم قال: قلت: لكن نقل محشيها ابن المصنف في زواهر الجواهر عن بيوع فتاوى قارئ الهداية أنه متى مضى مدة يتمكن من الذهاب إليها والدخول فيها كان قابضا وإلا فلا فتنبه. ا هـ. قلت: لكن أنت خبير بأن هذا مخالف للروايتين، ولا يمكن التوفيق بحمل ظاهر الرواية عليه؛ لأن المعتبر فيها القرب الذي يتصور معه حقيقة القبض كما علمته من كلام الخانية. (قوله: وكذا الهبة والصدقة) أي لا تكون تخلية البعيد فيهما قبضا قال: في البحر: وعلى هذا تخلية البعيد في الإجارة غير صحيحة فكذا الإقرار بتسليمها. ا هـ. قلت: ومفاده أن تخلية القريب في الهبة قبض، لكن هذا في غير الفاسدة كما في الخانية حيث قال: أجمعوا على أن التخلية في البيع الجائز تكون قبضا وفي البيع الفاسد روايتان والصحيح أنه قبض وفي الهبة الفاسدة - كالهبة في المشاع الذي يحتمل القسمة - لا تكون قبضا باتفاق الروايات. واختلفوا في الهبة الجائزة ذكر الفقيه أبو الليث أنه لا يصير قابضا في قول أبي يوسف وذكر شمس الأئمة الحلواني أنه يصير قابضا ولم يذكر فيه خلافا. ا هـ. [تتمة] : في البزازية قبض المشتري المشري قبل نقده بلا إذن البائع، فطلبه منه فخلى بينه، وبين البائع لا يكون قبضا حتى يقبضه بيده، بخلاف ما إذا خلى البائع بينه وبين المشتري اشترى بقرة مريضة وخلاها في منزل البائع قائلا إن هلكت فمني وماتت، فمن البائع لعدم القبض وكذا لو قال: للبائع: سقها إلى منزلك فأذهب فأتسلمها، فهلكت حال سوق البائع فإن ادعى البائع التسليم فالقول للمشتري، قال: المشتري للعبد: اعمل كذا أو قال: للبائع مره يعمل كذا فعمل فعطب العبد هلك من المشتري لأنه قبض قال: المشتري للبائع: لا أعتمدك على المبيع، فسلمه إلى فلان يمسكه حتى أدفع لك الثمن ففعل البائع وهلك عند فلان هلك من البائع؛ لأن الإمساك كان لأجله. اشترى وعاء لبن خائر في السوق فأمر البائع بنقله إلى منزله فسقط في الطريق فعلى البائع إن لم يقبضه المشتري. اشترى في المصر حطبا فغصبه غاصب حال حمله إلى منزله فمن البائع؛ لأن عليه التسليم في منزل الشاري بالعرف. قال: للبائع زنه له وابعثه مع غلامك أو غلامي ففعل وانكسر الوعاء في الطريق فالتلف من البائع، إلا أن يقول ادفعه إلى الغلام لأنه توكيل للغلام والدفع إليه كالدفع إلى المشتري. ا هـ. (قوله: لسقوط حقه بالتسليم) فيه أن التسليم موجود أيضا فيها لو وجده رصاصا أو ستوقة، الأولى التعليل بما في المنح بأنه استوفى أصل حقه فلا يكون له حق نقض التسليم. ا هـ. أي لأن الزيوف دراهم لكنها معيبة ومثلها النبهرجة كما في المنية، بخلاف الرصاص والستوقة فإنها ليست دراهم فلم يوجد قبض الثمن أصلا فله نقض التسليم، وأفاد أن هذا لو سلم المبيع؛ أما لو قبضه المشتري بلا إذن البائع فله نقضه في الزيوف وغيرها كما في البزازية. (قوله: كما لو وجدها) الأولى وجده: أي الثمن المحدث عنه. (قوله: أو مستحقا) أي بأن أثبت رجل أن المقبوض حقه فيثبت للبائع استرداد السلعة لانتقاض الاستيفاء. (قوله: وكالمرتهن) عبارة منية المفتي: والمرتهن يسترد في الوجوه كلها. ا هـ. أي في الزيوف والرصاص وغيرها، أي: لو قبض دينه وسلم الرهن لراهنه ثم ظهر ما قبضه زيوفا أو رصاصا أو ستوقة أو مستحقا فإنه يسترد الرهن. [تنبيه] لو تصرف المشتري في المبيع بعد قبضه بيعا أو هبة ثم وجد البائع الثمن كذلك لا ينقض التصرف لأن تصرف المشتري بعد القبض بإذن البائع كتصرفه، وإن كان قبضه بعد نقد الثمن بلا إذن البائع وتصرف فيه ثم وجد الثمن كذلك ينقض من التصرفات ما يحتمل النقض ولا ينقض ما لا يحتمل النقض بزازية وما يحتمل النقض كالبيع والهبة وما لا يحتمله كالعتق وفروعه. (قوله: وإلا) أي وإن لم تكن قائمة سواء كانت هالكة أو مستهلكة درر. (قوله: كما لو علم بذلك) أي بأنها زيوف؛ لأنه يكون راضيا بها فلا يكون له رد ولا استرداد. (قوله: وقال: أبو يوسف يرد مثل الزيوف إلخ) لأن الرجوع بالنقصان باطل لاستلزامه الربا، ولا وجه لإبطال حقه في الجودة لعدم رضاه درر. قال: في الحقائق نقلا عن العيون: إن ما قاله أبو يوسف حسن وأدفع للضرر ولذا اخترناه للفتوى. ا هـ. وكذلك صرح في المجمع بأنه المفتى به عزمية. (قوله: كما لو كانت رصاصا أو ستوقة) فإنها ترد اتفاقا درر؛ وظاهر إطلاقه أنها ترد ولو علم بها وقت القبض؛ لأنها ليست من جنس الأثمان ط. مطلب: لو اشترى شيئا ومات مفلسا قبل قبضه فالبائع أحق (قوله: ومات مفلسا) أي ليس له مال يفي بما عليه من الديون سواء فلسه القاضي أو لا. (قوله: فالبائع أسوة للغرماء) أي يقتسمونه ولا يكون البائع أحق به درر. (قوله: فإن البائع أحق به) الظاهر أن المراد أنه أحق بحبسه عنده حتى يستوفي الثمن من مال الميت أو يبيعه القاضي ويدفع له الثمن، فإن وفى بجميع دين البائع فبها، وإن زاد دفع الزائد لباقي الغرماء، وإن نقص فهو أسوة للغرماء فيما بقي له، وليس المراد بكونه أحق به أنه يأخذه مطلقا، إذ لا وجه لذلك؛ لأن المشتري ملكه وانتقل بعد موته إلى ورثته وتعلق به حق غرمائه، وإنما كان أحق من باقي الغرماء؛ لأنه كان له حق حبس المبيع إلى قبض الثمن في حياة المشتري فكذا بعد موته، وهذا نظير ما سيذكره المصنف في الإجارات من أنه لو مات المؤجر وعليه ديون فالمستأجر أحق بالدار من غرمائه: أي إذا كانت الدار بيده وكان قد دفع الأجرة وانفسخ عقد الإجارة بموت المؤجر فله حبس الدار وهو أحق بثمنها، بخلاف ما إذا عجل الأجرة ولم يقبض الدار حتى مات المؤجر فإنه يكون أسوة لسائر الغرماء ولا يكون له حبس الدار كما في جامع الفصولين، وكذا ما سيأتي في البيع الفاسد لو مات بعد فسخه فالمشتري أحق به من سائر الغرماء فله حبسه حتى يأخذ ماله، هكذا ينبغي حل هذا المحل، وبه ظهر جواب حادثة الفتوى سئلت عنها. وهي: ما لو مات البائع مفلسا بعد قبض الثمن وقبل تسليم المبيع يكون المشتري أحق به؛ لأنه ليس للبائع حق حبسه في حياته، بل للمشتري جبره على تسليمه ما دامت عينه باقية فيكون له أخذه بعد موت البائع أيضا، إذ لا حق للغرماء فيه بوجه لأنه أمانة عند البائع وإن كان مضمونا بالثمن لو هلك عنده، ومثله الرهن، فإن الراهن أحق به من غرماء المرتهن، والله سبحانه أعلم. (قوله: باع نصف الزرع إلخ) صورة المسألة: رجل له أرض دفعها لأكار: أي فلاح ودفع له البذر أيضا على أن يعمل الأكار فيها ببقره بنصف الخارج فعمل وخرج الزرع فباع الأكار نصفه لرب الأرض جاز البيع؛ أما لو رب الأرض نصفه للأكار فلا يجوز لأنه يأمره بقلع ما باعه، ولا يمكن إلا بقلع الكل فيتضرر المشتري بقلع نصيبه الذي كان له قبل الشراء مستحقا للبقاء في الأرض إلى وقت الإدراك، نعم إذا كان البذر من الأكار ويكون مستأجرا الأرض بنصف الخارج، فليس لرب الأرض أمره بقلع ما باعه، فينبغي أن يجوز البيع لعدم الضرر وهذه من مسائل بيع الحصة الشائعة من الزرع، وقدمنا الكلام عليها وعلى نظائرها أول كتاب الشركة. (قوله: قال: في النهر إلخ) أصله لصاحب البحر. وحاصل البحث أنه ينبغي على قياس هذا أنه لو باع ثمرة بدون الشجر ولم يرض البائع بإعارة الشجر أن يتخير المشتري أيضا، إن شاء أبطل البيع أو قطعها؛ لأن في القطع إتلاف المال وفيه ضرر عليه لكن تقدم تصريح المتن كغيره من المتون بقوله ويقطعها المشتري في الحال. وأيضا فما نقله عن جامع الفصولين مخالف أيضا لتصريح المصنف كغيره في بيع الشجر وحده أو الأرض وحدها بقوله ويؤمر البائع بقطعهما: أي الزرع والثمر وتسليم المبيع وإن لم يظهر صلاحه كما نبهنا عليه هناك فافهم، والله سبحانه أعلم.
|